النكبة الفلسطينية : ذاكرة لا تنسى وحق لايموت

النكبة الفلسطينية في ذكراها الحادية والستين، تبدو أكثر حضوراً وسطوعاً في حياة الفلسطينيين، وفي مفاصل ...
بازدید :
زمان تقریبی مطالعه :

النكبة الفلسطينية : ذاكرة لا تنسى ، و حق لايموت

النكبة الفلسطينية في ذكراها الحادية و الستين، تبدو أكثر حضوراً و سطوعاً في حياة الفلسطينيين، و في مفاصل السياسة الدولية، و هذه واحدة من ملامح العبقرية في القضية الفلسطينية ، التي كان أعداؤها، و المتآمرون ضدها، يراهنون على النسيان، و بعد واحد و ستين سنة، و على امتداد واحد و ستين سنة، يسقط هذا الرهان المضاد ، رهان النسيان، و تتوهج ذاكرة النكبة الفلسطينية ، و القضية الفلسطينية، و الحق الفلسطيني ، بالمزيد و المزيد من الحضور السياسي و في ذاكرة الأجيال .

لماذا ؟ ، هناك أسباب و وقائع كثيرة وراء انتصار ذاكرة النكبة الفلسطينية:

هناك أولاً ، و قبل كل شيء ذاكرة الفلسطينيين الشفهية ، التي نقلوها من جيل إلى جيل ، و من شتات إلى شتات، حتى أصبحت ، و كأنها نوع من الجينات الوراثية.

فهؤلاء الفلسطينيون ، حين تواطأت ضدهم الحركة الصهيونية و الأهداف الاستعمارية للدول الكبرى، و قدمتهم ضحايا للمنتصرين في الحربين العالميتين الأولى و الثانية، فوجدوا أنفسهم بلا وطن، و بلا كيان، مشتتين تتخاطفهم الأحداث الرهيبة، فهم لم يهربوا من الموت ، من أجل استمرار الحياة فقط ، بل هم أخذوا معهم أشياء الذاكرة، و عناصر العدالة الكامنة في حقهم العادل ، و مرارة التجربة ، و حكاياتهم الحية عن وطن ذبح و هم فيه، و اغتصب و هم يشاهدون اغتصابه، و يحاولون، و يستشهدون،لمنع ذلك ولكن بلا نصير،

 الذاكرة الشفهية للفلسطينين، التي حملوها  معهم أصبحت فيما بعد ، هي الحقيقة الكبرى المقدسة عند أجيالهم،

 ذاكرة احتفظت بمفاتيح البيوت، و كواشين ملكية الأرض، و أطلقت اسم الوطن فلسطين بمدنه يافا و حيفا و بيسان ...الخ على أسماء أبنائهم ، الذين ولدوا في المنافي، و عائد و عايدة، و نضال و كفاح و عودة و صابر و صابرين، و احتفظوا بألوان التطريز على ثيابهم، و جعلوا من كوفيتهم رمزاً وطنيا، و من الشهادة احتفالية ، تشارك فيها الأرض و السماء، و حولوا نسمات الهواء ، حين تهب على خيامهم في الصيف و الشتاء حاملاً لرسائل الوجع، و حاملاً لإضاءات الأمل،

هذه الذاكرة الشفهية ، صنعت جدراناً صلبا ضد النسيان ، وج علت من فكرة الميلاد الفلسطيني الجديد ، فكرة تلقائية تعيد تشكيل نفسها بآلاف الأشكال، حتى أصبح من المستحيل على الفلسطيني ، أن ينسى انه فلسطيني.

و هناك الفعل الصهيوني الإسرائيلي العنيف، المبالغ في العدوان إلى حد الاستهتار بالإنسان ، و استفزاز الروح عند الإنسان الفلسطيني، هذا القتل الصهيوني الإسرائيلي ، استمر منذ أول مذبحة نفذتها عصابات الهاجاناة ، و الأرجوان، و غيرها، حتى آخر حرب شنتها إسرائيل على قطاع غزة ،  وهذا القتل الصهيوني الإسرائيلي العنيف ، المتناقض مع كل الشرائع، و القوانين وا لاتفاقات، و التفاهمات، أعطى للذاكرة الفلسطينية وعيا إضافياً، و مصداقية و صوابية عالية المستوى، فالحق الفلسطيني تؤكده هذه الأفعال الصهيونية الإسرائيلية الغير عادلة، و الباطل و العدوان، و الظلم التاريخي الذي لحق بالفلسطينيين ، تؤكده هذه الأفعال الصهيونية الإسرائيلية المستعمرة.

و هناك الحقيقة ، التي لم يستطع احد طمسها ، و بدأت تتكشف شيئاً فشيئاً، سواء في كتب وثائقية عالية المستوى من شهود ، لا يمكن دحض شهادتهم، مثل الكتاب الأشهر Palestinian Catastrophe ، الذي يحتوي كله على وثائق إسرائيلية أو وثائق الأمم المتحدة ، التي اعتمد عليها Michas Palunbo ، أو حتى الوثائق التي كتب عنها المؤرخون الجدد في إسرائيل، و بعض الكتاب و المفكرين العالميين ، أمثال اليهودي الأمريكي ،ألفرد ليلنتال ، و المفكر اليهودي الأمريكي الشهير، نعوم شومسكي ، و المفكر الفرنسي ، روجيه جارودي ، و المفكر المجري ، كوستلر ، و مئات من المفكرين و الكتاب و الباحثين، الذين تابعوا فصول النكبة الفلسطينية و القضية الفلسطينية، و ذهلوا ، و أذهلوا العالم بحجم الحقائق المذهلة التي كان مسكوتاً عنها، و التي أظهرت أن هناك دولاً و أحزاب و شخصيات ، جميعهم لعبوا أدوارا ، و ارتكبوا خطايا لا تغتفر، في صنع النكبة الفلسطينية، وأ ن هذا الظلم التاريخي الذي لحق بالشعب الفلسطيني ، يجب أن يتم تصحيحه إذا أراد العالم ، أن يحل الأمن و السلام بهذه المنطقة من العالم.

النكبة الفلسطينية في ذكراها الحادية والستين ، هي نداء إلى الضمير الإنساني ، بأن الدولة الفلسطينية يجب أن تقوم، و أن تكون قادرة على الحياة، و أن الإسرائيليين حين يقعون في براثن إغراء القوة ، إنما يحكمون على أنفسهم ، و على هذه المنطقة بمزيد من الويلات وا لحروب و الخسائر.

*د.فاطمه قاسم

 

 

 

 

 

در رابطه با این محتوا تجربیات خود را در پرسان به اشتراک بگذارید.
مطالب مرتبط مجموعه :
آخرین مطالب سایت