• عدد المراجعات :
  • 2524
  • 6/7/2006
  • تاريخ :

من يجسر على محاربة المرأة وأضطهادها؟

من يجسر على محاربة المرأة وأضطهادها؟

انعام الكاظمي

كان للمرأة دور مهم منذ بداية الدعوة الاسلامية، فلم تختبئ في البيت، أو تنسحب من الحياة العامة، بل كانت مشاركة للرجل في كل شيء، بل ربما أسهمت بفاعلية في صنع الأحداث، وكانت عنصراً أساسياً فيها، كما شاركت في بناء الأمة وقت السلم، ومجاهدة أعداء الدين عند اللزوم، إذ كانت نصيراً ومعيناً على الإيمان والإسلام، وكان لها دور مهم في ثبات الرجال على الحق والصبر على أذى المشركين.

فما أحوجنا أن تفهم المرأة المسلمة دورها و مكانها بجانب الرجل في بناء صرح المجتمع، وأن تكون حياتها صفحة مفتوحة، تنهل منها جميع النساء.

والمرأة المسلمة صاحبة رسالة في الحياة، ولذا يجب أن تكون اجتماعية فعالة مؤثرة، تخالط النساء وتعاملهن بخلق الإسلام الذي يميزها عن غيرها من النساء، وهي التي تستنير بهدي القرآن الكريم وترتوي من منهل السنة المطهرة.

والمرأة المسلمة ينبغي أن تكون شخصية اجتماعية مؤهلة لتقوم بواجبها الدعوي في المجتمعات النسائية، لتوجه الأبصار والأذهان الى هدي هذا الدين العظيم الذي سما بالمرأة وزوّدها بمكارم الأخلاق.

في هذا العصر المليء بالفتن والانحرافات للمرأة المسلمة دورها الكبير في الدعوة، فهي تسير بجوار الرجل لاصلاح المجتمع بتطبيق الإسلام وتفهمه فهماً صحيحاً على أنه دين اعتدال ليس فيه افراط ولا تفريط، تكون قدوة في سلوكها وأخلاقها بين أخواتها في دعوة بإسلوب سهل جذاب، ليس فيه تعقيد ولا تنفير.

تقول الدكتورة زينب رضوان في كتابها (الإسلام وقضايا المرأة): جاءت الشريعة الإسلامية لتضع الرجل والمرأة في اطار واحد، موضحة أن الطبيعة البشرية في الرجل والمرأة تكاد تكون على حد سواء، وأن الله قد وهب النساء كما وهب الرجال، ومنح كلاً من الرجل والمرأة، المواهب التي تكفي لتحمل المسؤوليات، والتي تؤهل كلاً من العنصرين للقيام بالتصرفات الإنسانية العامة والخاصة، وكان من ثمار هذا أن مارست المرأة المسلمة في أدوار التاريخ الإسلامي الذهبية الاولى –ما كان معروفاً وجارياً من وجوه النشاط السياسي والاجتماعي والعلمي والاقتصادي والجهادي، كما مارست جميع الحريات، واستمتعت بما أبيح لها من زينة الحياة الدنيا كالرجل دون منع أو إنكار، كما تشهد على ذلك صفحات التاريخ الاسلامي.

من يجسر على محاربة المرأة وأضطهادها؟

موروثات من العصر الجاهلي

ما زال مجتمعنا الإسلامي يعاني امراضاً اجتماعية موروثة لا تمت الى الإسلام بصلة بل الإسلام يتبرأ منها ويقف منها موقف المعادي والمقاوم، محاولاً اجتثاثها من نفوس أبنائه بكل ما أوتي من قوة وثبات. ومن هذه الأمراض، كراهية الأنتى أو البنت ونظرة الازدراء الى الانثى دون الذكر، وإذا ما وجد في المجتمع أفراد من هذا النوع فالسبب قطعاً

يعود الى البيئات الجاهلية التي يعيشون أو عاشوا فيها ونهلوا منها، عادات وتقاليد ما أنزل الله بها من سلطان، وهي عادات جاهلية محضة وتقاليد مجافية للاسلام وتمتد أطراف خيوطها الى العصر الجاهلي الأول والذي عبر عنه القرآن الكريم أصدق تعبير: (وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم .. يتوارى من القوم من سوء ما بشر به ..).

والسبب في نظرة هؤلاء وعقولهم التي ورثوها من العصر الجاهلي يعود الى ضعف الإيمان وزعزعة اليقين لكونهم لم يرضوا بما قسم الله لهم من أناث .. وعدم رضى هؤلاء أو كراهيتهم للأنثى غير مبرر شرعي أو أخلاقي.

وتنتج هذه الكراهية من جهل مركب بسبب تكريس معلومات خاطئة على مر السنين حول دور البنت في الحياة ولكونها ربما قد تكون في يوم ما عنصر فضيحة إن شذت عن الواقع العائلي، أو قد تجلب المتاعب والمشاكل للأسرة وغير ذلك من الأوهام الخرافية العارية عن الصحة أو الحقيقة والتي تطلقها العقول المتخلفة خلقاً وديناً.

والذي ينظر بإمعان الى الواقع، يرى أن الإناث لا يختلفن بشيء عن الذكور، فكل يؤدي دوره الطبيعي المرسوم له في هذه الحياة لاستمرارية التناسل البشري، فلولا الإنثى لم يكن الرجل، ولو لا وجود الرجل لم يمكن من مبرر لوجود الأنثى مطلقاً .. لأنهما يتقاسمان الأدوار لبقاء النوع الإنساني وهذه سنة الله في خلقه.

وقد عبر الله تعالى أصدق تعبير في هذا المجال في قوله عز وجل: (الله ملك السموات والأرض يخلق ما شاء يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور .. أو يزوجهم ذكراناً أو إناثاً ويجعل من يشاء عقيماً إنه عليم قدير).

كما إن وجود الذكر بين افراد الأسرة لا يعني الامساك بطائر السعادة ولا يعني ضمان المستقبل، فليس هناك قوة في الأرض تضمن المستقبل السعيد .. إن مصير الايام وتقبلات الأحوال مرهونة بالغيب والقدر المقدر ولم يكن مرهوناً بكثرة المال والولد .. ولكم من شخص حضي بالأولاد الذكور وأنفق عليهم اموالهم وأسكنهم قصوره، ولكنه عندما كبر وهرم، رموه في دار المسنين وجرّدوه من أمواله، أو رموه بالجنون كما فعل الكثير من الأبناء، وقد تكون العاقبة أدهى من ذلك وهي انهاء الإبن لحياة أبيه أحياناً ليستولي على ماله أو ملكه أو لتحقيق نزواته التي حالت دون تحقيقها ارادة الأب.

وهناك العكس من الأمثلة السابقة حيث نجد أن بنات أو فتيات حققن لأبائهن ما عجز من تحقيقه هو بالذات خلال مسيرة حياته من المجد والرفعة.

كما أن هناك من النساء من كنّ مثلاً في الشرف والفضيلة .. وقد أشاد بهن الإسلام على لسان نيبه الكريم محمد (ص)، وإذا كنا نقتدي برسول الله (ص) في اتباع سنة الشريفة نرى أن النبي (ص) نفسه لم ينل ولداً ذكراً يعيش بعده حتى عيرته قريش بالأبتر، أي الذي لا ولد يرثه، فردّ التنزيل عليهم بقوله تعالى: (إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر).

وبالفعل كان وجود فاطمة الزهراء (ع) هو اكبر امتداد للرسول (ص) نوعاً ومنهجاً فاستطاعت هي وأبناؤها الاطهار، الحفاظ على التشريع من الانحراف وبلورة الفكر الإسلامي في أذهان الأجيال القادمة وما تضحيات أبنائها (ع) وما أصابهم من قتل وتشريد إلا خير دليل على ذلك.

وبإعطاء الأمثلة السابقة يمكن أن نعيد النظر في مسألة الفتاة ومدى تصوير حبها في صفحات القلب. ونحن نتساءل: أبعد كل ذلك يوجد من يجسر على محاربة الفتاة واضطهادها.

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)