• عدد المراجعات :
  • 1820
  • 10/10/2011
  • تاريخ :

مهمة الرسول (ص) في اختيار خليفة بعده

مهمة الرسول (ص) في اختيار خليفة بعده

(يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ) .

أنّ هذا البلاغ ، الذي احتاج الرسول ( صلى الله عليه و آله ) معه إلى العصمة ، و الحفظ الإلهي من الناس كان جزءاً من الخطة الإلهية في نطاق تمكين النبي الأكرم ( صلى الله عليه و آله ) من القيام بمهماته الخطيرة في هداية الأمّة ، و رعايتها من موقع رسوليته ، و مبعوثيته لها ، سواء في ذلك من عاصره ، أو من جاء بعده و هي هداية أراد الله سبحانه و تعالى أن تكون له من خلال الرعاية و التنئشة الهادية ، وفق المعايير التي توصل إلى الأهداف الإلهية التي أراد الله سبحانه للأمّة أن تصل إليها ، و ذلك بدءاً بالتزكية ، ثمّ بتعليم الكتاب ، و تعليم الحكمة ، و انتهاءً بحراسة الواقع الإيماني ، و صيانته بالأمر بالمعروف ، و النهي عن المنكر ، و إقامة شرع الله سبحانه ، من موقع الهيمنة و السلطة ، حيث يكون الحديد بما فيه من بأسٍ شديد ، وسيلة صيانة للحق ، و سبب حفظ للدين .

و لكي تصبح الفكرة أكثر وضوحاً و تألقاً نقول :

لأنّ الإسلام بما له من مواصفات و خصوصيات ، و شؤون و حالات ، ثمّ بما له من شمولية و عمق ، و ما يحتاج إليه من ظروف و مناخات و قدرات و وسائل و أدوات .

و لأنّ هذا النبي الكريم ( صلى الله عليه و آله ) مبعوث للناس جميعاً ، سواء في ذلك من عاصره ممن أسلم ، أو لم يسلم ، و من جاء بعده من الأمم إلى يوم القيامة .

و لأنّ مهمته ( صلى الله عليه و آله ) لا تنحصر ببلاغ الأحكام الشرعية ، و بعض التفاصيل الاعتقادية ، بل تتعدى ذلك إلى تزكية نفوسهم ، و تصفية أرواحهم ، و تعليمهم الكتاب و الحكمة ، و إقامة شرائع الله و أحكامه ، و نشر بيارقه ، و أعلامه .

و لأنّ طبيعة التشريع ، و خصوصيته ، و طبيعة التحديات التي ستواجه هذا الدين . تفرض امتلاك قدرات عملية ، فربما يكون الحديد بما فيه من بأسٍ شديد أحد مظاهرها .

نعم ، من أجل ذلك كله ، و سواه ، مما تقدمت الإشارة إليه ، جاءت الخطة الإلهية متناسبة مع طبيعة الهدف ، ومنسجمة مع حقائق الإسلام والإيمان ، ومنطلقة منها ، و توصل و تنتهي إليها . . فكان بلاغ الناس لذلك الأمر الذي يعني فقده أن يفقد الإسلام كينونته ، و يخسر حياته الفاعلة و المؤثرة : ( ... وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ... ) .

و كان هذا البلاغ يحتاج إلى العصمة الإلهية أيضاً ، فكيف بما بعد هذا البلاغ ؟!

الاختيار الطبيعي :

و كان أهل البيت ( عليهم السلام ) هم عنوان هذا البلاغ ، و مداه . و هم روحه و حياته ، و محتواه إذ بجهادهم و جهدهم ، و قيادتهم للأمّة ، يتحقق الإنجاز الكبير ، و الخطير ، و يكون بقاء هذا الدين ، و ذلك لأنهم :

1 ـ هم التجسيد الحي للنموذج الخالص ، و المرآة الصافية التي تعكس الإسلام : عقلاً ، و روحاً ، و أحاسيس ، و مشاعر ، و ميزات ، و خصائص ، ثمّ نهجاً و موقفاً ، و حركة ، و سلوكاً . و كيف لا ، و هم الذين أذهب الله عنهم الرجس ، و طهرهم تطهيراً ، و هم صفوة الله من خلقه ، و خيرته من عباده .

2 ـ إنّهم أهل بيت النبوّة ، و معدن الرسالة ، و هم عيبة علم رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) ، و هم أحد الثقلين اللذين لن يضلّ من تمسك بهما . و هم أيضاً سفينة النجاة و مصباح الهدى .

و من خلال هذين الأمرين تبرز أمام أعيننا حقيقتان :

إحداهما : أنّ هذين الأمرين يمكّنان أهل البيت من إنجاز مهمة التزكية الروحية ، و تصفية النفوس ، و تطهير الفطرة و تخليصها من كُلّ الشوائب التي علقت أو تعلق بها .

الثانية : إنّ هذه المعرفة الهادية ، و العلم الزاكي ، المتدفق من منبعه الأصفى ، هو الذي يرفد الفكر ليتحرك وفق الضوابط و المعايير ، التي لا يتنكر لها ، و لا يشذّ عنها . لينتج الوعي و الهدى و الصلاح في الأمّة كلها .

فالرسول يستطيع بهذه الطريقة أن يحفظ للأمّة المبعوث إليها حقّها في تعلّم الكتاب و الحكمة ، و في التزكية الروحية ، و في إقامة شرع الله ، و في وضع الإصر و الأغلال عنهم . و يعمل على نشر أحكام الدين ، و شرائعه في الوقت المناسب ، و بالأسلوب و الطريقة المناسبة .

و يكون بلاغ الرسول هو ذلك القرار الإلهي بإعطائهم ( عليهم السلام ) حقّ ممارسة الحاكمية ، و يحمِّلهم ـ من ثمّ ـ مسؤولية الرعاية ، و الهداية ، و التزكية ، بكلّ ما لذلك من مسؤوليات ، و مستلزمات ، و من آثار و تبعات .

و هذا يستبطن إلزام الأمّة بالطاعة و بالتسليم لهم ، و هم الأئمة الأطهار ، الإثنا عشر ( عليهم السلام ) ، و الثقل الذين لن يضل من تمسك بهم و بالكتاب ، و هم سفينة النجاة . التي تحمل هذه الأمّة إلى ساحل الأمان ، لتسير باطمئنان في دروب الخير ، و الهدى ، و الصلاح ، و السداد .

و ذلك هو ما نفهمه من تلك الآيات الكريمة و المباركة . و خصوصاً قوله تعالى :

(يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ) .

اعداد وتقديم : سيد مرتضى محمدي

القسم العربي - تبيان


نص النبي السابق على نبوة اللاحق

الإمامة في رؤية الأئمة الأطهار - الإنسان..أيّ موجود هو

هداية الفطريات وتعديل الغرائز

قرائن والشواهد النبي الصادق

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)