• عدد المراجعات :
  • 1765
  • 10/4/2011
  • تاريخ :

الاكتئاب الشتوي؟

الاکتئاب الشتوي

نهار الشتاء القصير، برودة الطقس، هطول المطر، تلبد السماء بالغيوم، وتراجع مستويات تعرضنا لأشعة الشمس، كل ذلك قد يصيب الكثيرون منا بالاكتئاب.

صحيح أن الاكتئاب الشتوي غالباً ما يصيب الأشخاص الذين يقطنون في البلدان الباردة، التي تتميز بفصل شتاء غائم وطويل وممطر، لا تشرق الشمس خلاله إلّا أياماً. غير أن الكثيرين ممن يعيشون في بلدان معتدلة المناخ قد يتأثرون أيضاً من قصر ساعات النهار، ومن برودة الطقس ومن خفوت ضوء الشمس الساطع الذي اعتادوا عليه خلال فصول السنة الأخرى. وتختلف أعراض التأثير الفصلي هذا باختلاف الأشخاص، فهناك من يصاب بالاكتئاب، تقلبات المزاج، التعب، الميل إلى الإفراط في النوم، زيادة حدة الشهية إلى الطعام، التوق الشديد إلى تناول الكربوهيدرات والأطعمة الحلوة، وهبوط في مستويات الطاقة في فترة بعد الظهر. واللافت أن هذه الأعراض تختفي مع حلول فصل الربيع، وعودة النهار إلى طوله المعتاد من جديد. وتشير الإحصاءات إلى أن النساء اللواتي تتراوح أعمارهنّ بين 20 و40 سنة يكن أكثر عرضة من الآخرين للإصابة بالأعراض المذكورة. وتعلق اختصاصية العلاجات الطبيعية، فتقول إننا لا نعرف بالتحديد السبب الفعلي للاكتئاب الشتوي، غير أنه يرتبط، جزئياً على الأقل، بساعة الجسم البيولوجية الداخلية. والمعروف أن الغدة الصنوبرية في الدماغ هي التي تنظم إيقاعات

الجسم البيولوجية، وهي تتفاعل مع دورة الأربع والعشرين ساعة من الضوء والعتمة، بإفراز هرمونات محددة وظيفتها إبلاغنا متى نخلد إلى النوم، ومتى نستيقظ ونتيقظ. وخلال فصل الشتاء الذي تزيد فيه فترة العتمة، تفرز الغدة الصنوبرية المزيد من الميلاتونين الذي يجعلنا نشعر بالنعاس. ويعتقد العلماء أن نهارات الشتاء القصيرة بضوئها الخافت، تؤدّي إلى خلل في التوازن البيوكيميائي في الجزء المسؤول عن النوم، الشهية، المزاج، النشاط والرغبة الجنسية في الدماغ. وكان العلماء في جامعة تورنتو الكندية قد وجدوا رابطاً بين الطقس السيئ وانخفاض مستويات السيروتونين، وإحدى المواد الكيميائية الطبيعية الدماغية التي تجعلنا نشعر بالارتياح وبالسعادة. ويقدم الاختصاصيون بضع نصائح صحية طبيعية يمكن اتّباعها لتلافي الاكتئاب الشتوي والأعراض المرتبطة به، وهي:

1- التعرض للضوء:

 أبرز العوامل التي تسهم في إطلاق عملية إفراز السيروتونين، هو ضوء النهار، من هنا ضرورة الخروج إلى الهواء الطلق، على الرغم من ميلنا إلى البقاء في الداخل أثناء فصل الشتاء، وتنصح ستيلا بالمشيء في الخارج مدة نصف ساعة يومياً أثناء النهار، حتى لو كان النهار غائماً. ويمكن للعاملين دواماً كاملاً أن يستغلوا فترة الغداء للخروج والمشي يومياً، فهذا يساعد على التوازن النفسي والجسدي. كذلك يمكن الحصول على أكبر قدر من الضوء عن طريق الجلوس على مقربة من النوافذ كلما أمكن ذلك، مع الحرص على فتح الستائر. وتجدر الإشارة إلى أن المصابين بحالات حادة من الاكتئاب الشتوي في البلدان الباردة يخضعون لجلسات خاصة يعرّضون أنفسهم خلالها لأضواء اصطناعية لفترات مختلفة. وهناك أضواء خاصة لهذا الغرض يمكن أن توضع في المنزل أو في المكتب، أو حتى في المقاهي الخاصة، مثل تلك الموجودة في السويد، التي يقصدها الكثيرون لتعريض أنفسهم للضوء. ويقول الاختصاصيون إن قوة هذا الضوء يجب أن تكون أقوى بحوالي 10 مرات من الأضواء المنزلية المعتادة. وتقاس قوة هذه الأضواء باللوكس. والحد الأدنى المفيد في هذه الحالة هو 2500 لوكس، الذي يحتاج إلى الجلوس أمامه مدة 90 دقيقة يومياً، وبالطبع تقصر مدة التعرض هذه كلما ازدادت قوة الضوء.

2- الاستيقاظ باكراً:

 أظهرت الدراسات أن أعراض الاكتئاب الشتوي تتراجع بفعل التعرض لضوء الفجر. وتعلق الاختصاصية الأميركية قائلة إن ذلك ليس سهلاً نظراً إلى كون أوالية التخفيف من هرمون النوم، الميلاتونين، لدى الأشخاص المصابين بالاكتئاب الشتوي لا تعمل كما يجب. وهي تنصح باللجوء إلى الساعات المنبهة الخاصة التي تطلق ضوءاً شبيهاً بضوء الفجر بشكل تدريجي، فكلما ازداد الضوء المنبعث منها، تراجعت مستويات الميلاتونين في الجسم، ما يساعد على الاستيقاظ بشكل لطيف وهادئ.

3- ممارسة الأنشطة البدنية:

 إضافة إلى كل ما نعرفه عن فوائد الرياضة الصحية على المستوى الفيزيولوجي، تؤكّد الدراسات العلمية فائدتها في الوقاية من الاكتئاب. ويقول الاختصاصي الفرنسي الدكتور ماثيو لانغلوا إن مفعول ممارسة الرياضة مدة 40 دقيقة يساوي مفعول قرص دواء مضاد للاكتئاب. ومن المهم جداً إيجاد نشاط رياضي ممتع بعيداً عن أجواء التنافس والإرهاق. يمكن مثلاً ممارسة رياضة التاي تشي أو ركوب الدراجة، أو حتى المشي السريع، والأفضل القيام بهذه الأنشطة في الخارج صباحاً، وبشكل منتظم. فالانتظام في ممارسة الرياضة يعزز من إفراز الدماغ الأندورفينز التي ترفع المعنويات وتحسّن المزاج. وجني فوائد الرياضة على هذا المستوى يقتضي ممارستها مدة 40 دقيقة مرتين على الأقل أسبوعياً. من جهة ثانية فإن التعب الخفيف الناتج عن ممارسة الرياضة يسهم في مكافحة حالات الأرق التي يعانيها الكثيرون في فترات الاكتئاب. ويذكر أن كل نشاط بدني نقوم به أثناء النهار يسهم في تحسين التوازن العام للجسم، ويساعد على تنظيم ساعات النوم، لكن يجب تفادي ممارسة الرياضة في وقت متأخر مساءً، فالمجهود البدني القوي يرفع حرارة الجسم، في الوقت الذي يسهم انخفاض درجة حرارة الجسم في تسهيل النوم.

4- اعتماد نظام غذائي مناسب:

تقول الاختصاصية البريطانية، الدكتورة ويندي ديننغ، إن الأبحاث التي أجريت في هذا الخصوص، أظهرت أن التعرض للضوء يعطي نتائج أفضل، إذا رافقه نظام غذائي غني بالحمض الأميني، تريبتوفان. فهذا الأخير هو عنصر مهم يحتاج إليه الجسم لإنتاج السيروتونين، وهو متوافر في السمك، الديك الرومي، الدجاج، وجبن القريش والحليب. ومن جهتها تقول نيو إن الوجبات السريعة الجاهزة والحلويات والمشروبات الغازية، بما فيها تلك الخاصة بالحمية، والمنبهات مثل القوة والشاي، تسهم في خفض مستويات السيروتونين، ويُستحسن تفاديها. وإضافة إلى الأطعمة الغنية بالتريبتوفان، فإنها تنصح بتناول تلك الغنية بمجموعة فيتامينات (ب)، التي تسهم في رفع مستويات السيروتونين، مثل الفاصولياء، الأفوكادو، السبانخ، بذور دوار الشمس، الموز، التين وجنين القمح. وتشير الدراسات إلى أهمية فيتامينات (ب) في مكافحة الاكتئاب. فقد تبين مثلاً أن نسبة فيتاميني (ب6) و(ب9) تكون منخفضة لدى الأشخاص المصابين بالاكتئاب، مقارنة بنسبتها لدى الأصحاء. والافتقار إلى فيتامين (ب6) قد يؤدي إلى سرعة التأثر والنزق وحتى إلى الاكتئاب. وهو متوافر في الطماطم، لحم البقر، والبطاطا والعسل والسبانخ. وتعتبر

الدجاج والفاصولياء الخضراء مصادر جيدة للفيتامين (ب9). أما فيتامين (ب12) فهو يكافح الإرهاق المزمن ويلعب دوراً مهماً في تكامل ونمو الخلايا العصبية. وهو متوافر في الجبن والسردين وأصداف البحر. فضلاً عن ذلك يتوجب أن يكون هذا النظام الغذائي غنياً بالبروتينات التي تلعب دوراً بارزاً في تشكيل بعض الهرمونات التي تؤثر مباشرة في المزاج، مثل السيروتونين والدوبامين. وللحصول على كمية كافية من البروتينات يجب تناول الأسماك، اللحوم، الدجاج، الحبوب الكاملة، البقوليات والمكسرات بشكل منتظم، بحيث تحتوي كل وجبة من وجبات النهار على نوع من البروتينات.

5- الحصول على كمية كافية من أحماض أوميغا/3 الدهنية:

أظهرت الدراسات أن نسبة الإصابة بالإكتئاب الشتوي تسجل أدنى مستويات في البلدان التي يكثر فيها تناول الأسماك الدهنية. وربما كانت أيسلندة، حيث يرتفع استهلاك هذه الأسماك، أبرز مثال على ذلك. فعلى الرغم من ساعات النهار القصيرة خلال فصل الشتاء، إلّا أن نسبة الأشخاص المصابين بالاكتئاب فيها أقل بكثير مما هي عليه في البلدان المشابهة التي ينخفض فيها استهلاك هذه الأسماك. والمعروف أن أحماض أوميغا/3 التي لا ينتجها الجسم، بل يحصل عليها من الأطعمة، تلعب دوراً أساسياً في تمكين الدماغ من أداء وظائفه بشكل جيد، إضافة إلى دورها في تحسين المزاج، ويقول اختصاصي التغذية، البريطاني أليكس شاليت إن دور هذه الأحماض لا يتوقف عند ذلك، فهي تسهم أيضاً في الحفاظ على استقرار مستويات سكر الدم الذي يشكل مصدر الطاقة الرئيسي للدماغ. وعدم حصول الدماغ على الكمية الكافية من الطاقة يؤثر سلباً في قدرته على إنتاج السيروتونين. من هنا ضرورة المواظبة على تناول الأسماك الدهنية مثل السردين، السالمون، التونة بمعدل مرة أو مرتين على الأقل في الأسبوع. ويمكن لمن لا يتناول السمك أن يلجأ إلى أقراص أحماض أوميغا/3

الدهنية كبديل عنها، خاصة في فصل الشتاء.

6- ممارسة اليوغا وتمارين التنفس العميق:

تسهم ممارسة اليوغا في التخفيف من أعراض الاكتئاب الشتوي وترفع المعنويات. وتقول الاختصاصية البريطانية آن ماري نيولاند، إن سلسلة تمارين اليوغا تشغّل كل عضلات الجسم وتنشط الجهاز اللمفاوي والغدد الصماء، وهي تنصح أيضاً بتمارين التخيل التي يمكن ممارستها عن طريق إغلاق العينين وتخيل أن هناك شمساً ساطعة داخلنا تنير لنا وتبعث فينا الدفء. ومع كل حركة شهيق وزفير، علينا أن نتخيل أننا نتنفس حرارة الشمس. أمّا التنفّس العميق فهو واحدة من أبسط وأسرع الطرق لمكافحة التوترات ولزيادة إنتاج وانسياب الأندورفينز.


فقدان الشريك.. أصعب تجربة تواجهها المراة

الزَوجَة حِينَما تصبحُ أمَّاً

مكانة الأم فى الإسلام

الأم مدرسة الأجيال وصانعة الرجال

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)