• عدد المراجعات :
  • 1618
  • 5/15/2011
  • تاريخ :

مشاهد البعث والقيامة (6)

الورد

الأعراف

يقول سبحانه: "وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيَماهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ * وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَنَادَى أَصْحَابُ الأَعْرَافِ رِجَالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيَماهُمْ قَالُوا مَا أَغْنى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ"(الأعراف:46ـ48).

والأعراف أعالي الحجاب والتلال من الرمل، والعرف للديك، وللفرس، هو الشعر فوق رقبته، وأعلى كل شيء، ففيه معنى العلو، والآية تدلّ على أنّ في أعالي الحجاب الّذي بين الجنة والنار، رجال يعرفون أهل الجنة والنّار بعلائمهم وهم مشرفون على الجانبين، لارتفاع موضعهم.

الحجاب هو الستر المتخلل بين الشيئين يستر أحدهما من الآخر، والضمير في قوله: (بَيْنَهُما)، راجع إلى أصحاب الجنة والنار، المذكورين في الآية المتقدمة.

والأعراف أعالي الحجاب والتلال من الرمل، والعرف للديك، وللفرس، هو الشعر فوق رقبته، وأعلى كل شيء، ففيه معنى العلو، والآية تدلّ على أنّ في أعالي الحجاب الّذي بين الجنة والنار، رجال يعرفون أهل الجنة والنّار بعلائمهم وهم مشرفون على الجانبين، لارتفاع موضعهم. وظاهر السياق أنّ هؤلاء الرجال منحازون عن الطائفتين متمايزون عن جماعتهم، فيكون بذلك أهل الجمع منقسمين إلى طوائف ثلاث: أصحاب الجنة، وأصحاب النار، وأصحاب الأعراف.

ثم إنّه وقع الكلام في معرفة من هم هؤلاء الرجال1، والتدبّر في الآيات يعطي أنّهم جمع من عباد الله من غير الملائكة، هم أرفع مقاماً وأعلى منزلة من سائر الجمع، يعرفون عامة الفريقين، لهم أن يتكلموا بالحق يوم القيامة، ولهم أن يشهدوا، ولهم أن يشفعوا، ولهم أن يأمروا ويقضوا، كلّ ذلك بإذنه سبحانه.

وقد تضافرت الروايات على أنّ المراد من الرجال هم الأئمة من آل محمد صلوات الله عليهم.

قال الصدوق: "اعتقادنا في الأعراف أنّه سور بين الجنة والنار عليه رجال يعرفون كلاًّ بسيماهم، والرجال هم النبي وأوصياؤه"2.

 

لواء الحَمْد

إذا كان يوم القيامة، وحشر الناس على صعيد واحد، وتميّز الفريقان، يعطى النبي الأكرم لواء الحمد، ويتقدّم به ويأخذ مسيره ومن خلفه إلى الجنة، وفي روايات الإمامية أنّ النبي الأكرم يدفعه إلى وصيّه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السَّلام.

وقد ورد في غير واحد من الروايات ذكر لواء الحمد، وأنّه مكتوب عليه: "المفلحون هم الفائزون بالجنة". وأنّه "يمشي عليٌّ والقوم (أهل الجنة) تحت لوائه حتى يدخل الجنة"3.

وروى أحمد بن حنبل في مسنده عن أبي نضرة قال: خطبنا ابن عباس على منبر البصرة، فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: "إنّه لم يكن نبي إلاّ له دعوة قد تنجزها في الدنيا، وإنّي قد اختبأت دعوتي، شفاعة لأُمتي، وأنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وأنا أوّل من تنشق عنه الأرض ولا فخر، وبيدي لواء الحمد ولا فخر، آدم فمن دونه تحت لوائي ولا فخر..."4.

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: "من أراد أن يتخلص من هول يوم القيامة فليتول وليّي، وليتّبع وصيي وخليفتي من بعدي علي بن أبي طالب، فانّه صاحب حوضي، يذود عنه أعداءه، ويسقي أولياءه. فمن لم يسق منه لم يزل عطشاناً ولم يرو أبداً. ومن سقي منه شربة، لم يشق ولم يظمأ

الحوض

قال الصدوق:"اعتقادنا في الحوض أنّه حق وأنّ الوالي عليه يوم القيامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السَّلام يسقي منه أولياءه، ويذود عنه أعداءه. من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبداً"25.

روى الفريقان روايات حول الحوض: روى أبو حازم عن سهل بن سعد، قال سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول: "أنا فرطكم على الحوض، من ورد شرب، ومن شرب لم يظمأ أبداً. وليردنّ عليَّ أقوام أعرفهم ويعرفونني، ثم يحال بينه وبينهم"6.

روى الصدوق عن الإمام الصادق عليه السَّلام عن آبائه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: "من أراد أن يتخلص من هول يوم القيامة فليتول وليّي، وليتّبع وصيي وخليفتي من بعدي علي بن أبي طالب، فانّه صاحب حوضي، يذود عنه أعداءه، ويسقي أولياءه. فمن لم يسق منه لم يزل عطشاناً ولم يرو أبداً. ومن سقي منه شربة، لم يشق ولم يظمأ"7.

وقد تقدم قول رسول الله صلى الله عليه وآله "المنقول متواتراً" في خطبته يوم الغدير حيث قال: "فاني فرط على الحوض، فانظروا كيف تخلفوني في الثقلين".

فنادى مناد: "وما الثّقلان يا رسول الله"؟

قال: "الثّقل الأكبر: كتاب الله، والآخر الأصغر: عترتي، وإن اللطيف الخبير نبّأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علىّ الحوض، فلا تقدموهما فتهلكوا، ولا تقصروا عنهما فتهلكوا"8.

*الإلهيات،آية الله جعفر السبحاني

--------------------------------------------------------------------------------

الهوامش:

1- اختلف المفسرون في ذلك على اثني عشر قولاً.

2- لاحظ بحار الأنوار، ج 8، ص 329- 340. وفي بعض الروايات: "يوقف كل نبي وكل خليفة نبي"، وعند ذلك يكون ذكر النبي والأئمة من باب تطبيق الكلي على المصاديق المثلى.

3- لاحظ بحار الأنوار،ج8،باب 18، الأحاديث 1ـ12.

4- مسند ابن حنبل ،ج1، ص 281، وص 295، وج3،ص 144.

5- عقائد الصدوق،ص 85

6- جامع الأصول، ص 119ـ121وقدنقل روايات كثيرة حول الحوض.

7- بحار الأنوار، ج 8، ص 19، نقلاً عن أمالي الصدوق، ص 168.

8- لاحظ في الوقوف على مصادره، ما دبّجه قلم المتتبع الكبير السيد مير حامد حسين الهندي، فقد جمع إسناده وبحث فيها وفي دلالته في ستة مجلدات من كتابه "العبقات". ولاحظ كتاب المراجعات، للإمام شرف الدين، المراجعة الثانية.


مشاهد البعث والقيامة (5)

مشاهد البعث والقيامة (4)

مشاهد البعث والقيامة (3)

مشاهد البعث والقيامة (2)

مشاهد البعث والقيامة (1)

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)