• عدد المراجعات :
  • 1319
  • 11/4/2009
  • تاريخ :

الشاعر السيد إسماعيل الحميري ( رحمه الله )

( 105 هـ ـ 173 هـ )

الورد

ولادته و نشأته :

وُلِد إسماعيل بن محمد بن يزيد بن وداع الحميري سنة ( 105 هـ ) بعُمان ، ونشأ في حضانة والديه الإباضيَّين المعاديين لآل البيت ( عليهم السلام ) ، إلى‏ أن عقل وشعر فهجرهما .

فذهب إلى البصرة واتصل بالأمير عقبة بن سَلم ، وتزلَّف لديه حتى‏ مات والداهُ ، فورثهما ثم غادر البصرة ثم إلى الكوفة ، وأخذ فيها الحديث عن الأعمش ، وعاش متردِّداً بينهما .

منزلته :

لم تفتأ الشيعة تبجِّل كل مُتهالك في ولاء أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) ، وتقدِّر له مكانة عظيمة ، وتُكْبر منه ما أكبره الله سبحانه و رسوله ( صلى الله عليه وآله ) من منصَّة العظمة .

أضف إلى ذلك تقدير الأئمة ( عليهم السلام ) لسعيه المشكور في الإشادة بذكرهم والذبِّ عنهم ، والبثُّ لفضائلهم ، وتظاهره بموالاتهم ، وإكثاره من مدائحهم . فإن ما كان يصدر منه من تلكم المظاهر لم تكن إلا تزلُّفاً منه إلى المولى‏ سبحانه ، وأداءً لأجر الرسالة ، وصلةً للصادع بها ( صلى الله عليه وآله ) . ولقد كاشف في ذلك كله أبويه الناصبيَّين الخارجيَّين ، فكان معجزة وقته في التلفُّع بهذه المآثر كلها ، والتظاهر بهذا المظهر الطاهر ، ومنبته ذلك المنبت الخبيث ، فما كان الشيعي يوم ذاك يجد من واجبه الديني إلا إكباره وخفض الجناح عند عظمته .

قال ابن عبد ربِّه في العقد الفريد : " السيد الحميري وهو رأس الشيعة ، وكانت الشيعة من تعظيمها له تلقي له وسادة بمسجد الكوفة ". وليس ذلك ببدعٍ من الشيعة بعد ما أزلفه الإمام الصادق ( عليه السلام ) وأراه من دلائل ‏الإمامة ما أبقى‏ له مكرمة خالدة حفظها له التاريخ . ومن هذه الدلائل حديث انقلاب الخمر لبناً ، وإطلاق لسانه في مرضه وغيرها ، واستفاض الحديث بترحمه ( عليه السلام ) عليه والدعاء له والشكر لمساعيه .

وبلغهم قوله ( عليه السلام ) لعُذاله فيه : " لو زَلَّت له قدمٌ فقد ثبتت الأخرى ، كما أنه ( عليه السلام ) كان قد أخبره بالجنة " . وكان الحميري منذ صغره يُلقَّب بالسيد ، حتى قال له الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( سمَّتك أمَّك سيِّداً ، وُفِّقتَ في ذلك ، وأنت سيد الشعراء ) .

شعره :

كان السيد بعيد المَنْزَعة ، ولعاً بإعادة السهم إلى‏ النزعَة ، وقد أشفَّ وفاق‏ كثيرين من الشعراء بالجدِّ والاجتهاد في الدعاية إلى‏ مبدئه القويم ، والإكثار في مدح العترة الطاهرة ( عليهم السلام ) . وساد الشعراء ببذل النفس والنفيس في تقوية روح الإيمان في المجتمع ، وإحياء ميِّت القلوب ببثِّ فضائل آل البيت ( عليهم السلام ) ، ونشر مثالب مناوئيهم ومساوئ أعدائهم . وكان كما قال أبو الفرج : " لا يخلو شعره من مدح بني هاشم ، أو ذمِّ غيرهم ممَّن ‏هو عنده ضدٌّ لهم ".

و روى‏ عن الموصلي عن عمِّه قال : " جمعت للسيد في بني هاشم ألفين وثلاثمائة قصيدة ، فخِلتُ أن قد استوعبتُ شعره ، حتى‏ جلس إليَّ يوماً رجلٌ ذو أطمار رثَّة ، فسمعني أنشد شيئاً من شعره ، فأنشدني به ثلاث قصائد لم تكن عندي ".

فقلت في نفسي :" لو كان هذا يعلم ما عندي كلَّه ثمَّ أنشدني بعده ما ليس عندي لكان عجباً فكيف وهو لا يعلم ؟! ، وإنما أنشد ما حضره ". وعرفتُ حينئذ أنَّ شعره ليس ممَّا يُدرك ، ولا يمكن جمعه كلُّه .

و قال ابن المعتز في طبقاته : " كان السيد أحذق الناس بسوق الأحاديث ، والأخبار ، والمناقب في الشعر ، لم يترك لعلي بن أبي طالب ( عليه السلام ) فضيلةً معروفةً إلا نقلها إلى الشعر ".

وكان يُملُّه الحضور في مُحتَشَدٍ لا يُذكر فيه آل محمد ( عليهم السلام ) ولم يأنس بحفلة تخلو عن ذكرهم ، وقبل هذه كلها حسبُهُ ثناءً عليه قول الإمام الصادق ( عليه السلام ) : (أنت سيد الشعراء ) ، فينمُّ عن مكانته الرفيعة في الأدب ، يقصُرُ الوصف عن استكناهها ، ولا يُدرك البيانُ مداها .فكان يُعدُّ من شعرائه ( عليه السلام ) وشعراء ولده الإمام الكاظم ( عليه السلام ) .

وفاته :

توفّي السيد الحميري ( رحمه الله ) عام 173 هـ بالعاصمة بغداد ، ودُفن في جنينة من نواحي الكرخ .

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)