• عدد المراجعات :
  • 2434
  • 5/4/2009
  • تاريخ :

ذاتية الحرية

الحرية

الحرية و العبودية من منظور الشرع و الوضع

العبودية السلبية من منظور الشرع والوضع

 

فالحرية و العبودية ، تنسحب على جميع مناحي الحياة، ولكن هذا لا ينافي فضيلة الدفاع عن الكرامة و العرض و المال، فالموت دون هذه الحرمات شهادة،

 و ليس من الطمع أو الحرص من يدافع عن حقه و ماله، فالطمع هو النظر إلى ما في أيدي الناس، فمن الحرية ، أن يدافع الإنسان عن ما يقع في حوزة ملكه الشرعي، و من العبودية التنازل عنها، إلا إذا اُجبر الإنسان على ذلك في وضع لا حول له فيه و لا قوة، فقد ورد عن الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع) قوله: " إن الحر ، حر على جميع أحواله، و ان نابته ، نائبة صبر لها، و إن تداكت عليه المصائب لم تسكره، و ان أُسر و قُهر و اُستبدل باليسر عسرا، كما كان يوسف الصدّيق الأمين (صلوات الله عليه) ، لم يضرر حريته ، إن اُستعبد و قُهر ، و لم تضرره ظلمة الجب و وحشته و ما ناله، أن مَنّ  الله عليه فجعل الجبار العاتي له عبدا ، بعد إذ كان (له) مالكا، فأرسله و رحم به أمّة، و كذلك الصبر يعقب خيرا، فاصبروا ، و وطنوا أنفسكم على الصبر توجروا "(1).

فالإنعتاق عن ذلك الطمع و الشهوات و الرغبات الحيوانية ، هي عبودية و حرية في آن واحد، عبودية الله ، و حرية لنفس الإنسان، و يرى المجلسي (ت 1111هـ) وجود علاقة مباشرة للحرية مع عبودية الشهوات،

الحرية
فالحرية من منظر علامة مجلسي: "تحتمل المعنى الظاهر ، فإنها كمال في الدنيا و ضدها غالبا ، يكون مانعا عن تحصيل الكمالات الأخروية، و يحتمل ، أن يكون المراد بها الإنعتاق عن عبودية الشهوات النفسانية و الانطلاق عن اسر الوساوس"(2).

  و الحرية في واقع الحال اصل الفضائل و سنامها، يقول مصباح يزدي ، و هو فقيه إيراني: "كلمة الحرية ، تستعمل في الأخلاق بمعان متعددة، ولكن متقاربة، في كتبنا الأخلاقية الفلسفية، عند الكلام على خصائص النفس الإنسانية و ملكاتها، و ينظر إلى الحرية على أنها أصل الفضائل"(3)، و لهذا يعتبر قلم نسوي ، مثل قلم القاصة السورية ، ابتسام شاكوش : "إن إطلاق النساء من القيود الأخلاقية، ليس من الحرية أو التحرر بشيء، بل هو عبودية للجسد و شهوات الجسد، و هو أمر يثير القرف و الاشمئزاز"(4).

الحرية
 و يعتبر الصدر (ت 1980م) ، إن الإنعتاق عن عبودية الشهوات أصل الحرية،

 فليس من الحرية أن يُقال للإنسان: "هذا الطريق ، قد أخليناه لك فسر بسلام، و إنما يصبح الإنسان حرا حقيقة ، حين يستطيع أن يتحكم في طريقه ، و يحتفظ لإنسانيته بالرأي في تحديد الطريق السليم و رسم معالمه و اتجاهاته، و هذا يتوقف على تحرير الإنسان قبل كل شيء من عبودية الشهوات ،التي تعتلج في نفسه"(5).

 و مثل هذا يقول به الشيخ القرضاوي: "فقد ولدت الناس أمهاتهم أحرارا، فلا يجوز ، أن يُستعبدوا لأمثالهم من الخلق، و لسنا نعني بالحرية إتباع الشهوات، و بلبلة الأفكار، و إثارة الفتن، فهذه فوضى لا حرية، إنما نعني بحرية المواطن أو الإنسان هنا، خلاصه من كل سيطرة تتحكم في تفكيره أو وجدانه أو حركته، سواء كانت سيطرة حاكم مستبد، أم كاهن متسلط ، أم إقطاعي و رأسمالي متجبر"(6)، و ما أجمل عبارة بقراط الحكيم ، الذي عاش 95 عاما ، و ظهر سنة 96 لتاريخ بختنصر: " لأن يكون الحر عبدا لعبيده خير له من ،أن يكون عبدا لشهواته "(7).

د. نضير الخزرجي

---------------------------------------------------

الهوامش:

 (1) بحار الأنوار  :1/83.

(2) مصباح يزدي، محمد تقي، "حق الحرية في المنظور الإسلامي" كتاب: حقوق الإنسان في الإسلام (طهران, العلاقات الدولية في منظمة الإعلام الإسلامي, 1408هـ/1988م) ص253.

(3) شاكوش، ابتسام، "في العنف الأسري.. حوار" صحيفة السلام (بيروت، تجمع المسلم الحر، السنة 2، العدد 24، 1421هـ) ص2.

 (4) آل نجف، عبد الكريم، "الحرية من وجهة نظر السيد الشهيد الصدر" مجلة المنهاج (بيروت، مركز الغدير للدراسات الإسلامية، السنة 5، العدد 19، 1421هـ/2000م) ص174.

(5) القرضاوي، د. يوسف، الحل الإسلامي فريضة وضرورة (بيروت، مؤسسة الرسالة، ط11، 1405هـ/1985م) ص77.

(6) آداب النفس (مصدر سابق) :2/49.

(7) الشيرازي، محمد، السياسة (بيروت، دار العلوم للتحقيق والطباعة والنشر والتوزيع، ط6، 1407هـ/1987م):2/213.


حرية الضمير والعقيدة الدينية

الديمقراطية والتحد يث الإسلامي

التعددية السياسية والحرية في الاسلام

الإسلام والنظرة الشمولية لحقوق الإنسان

المقاربة بين الأفكار

الإسلام بين غيوم التشويه وشمس الاصالة

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)