• عدد المراجعات :
  • 2234
  • 7/12/2009
  • تاريخ :

المزج بين الغضب و الرأفة

الورد

إن الإنسان الكامل بسبب انه جامع لجميع الكمالات الامكانية ؛ لأنه مظهر جميع الاسماء يظهر هذا الانسجام اختفاء الجمال في وجه الجلال أفضل من الكائنات الأخرى ، لذا رفض الرسول الأكرم ( صلى الله عليه و آله و سلم ) ، اقتراح اللعن في قضية معركة اُحد ، رغم تحمل جميع المشقات ، و قال : (لم أبعث لعّاناً بل بعثت داعياً و رحمة ، اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون ) .

ان هذا المزج بين الغضب و الرأفة يسمى هجراً جميلاً ، و قد كان النبي مأموراً بذلك : ( و اصبر على ما يقولون ، و اهجرهم هجراً جميلاً ) ، (سورة المزمل ، الآية : 10) ،

كما أن أساس الوظيفة أمام الأمر الالهي هو الصبر الجميل : ( فاصبر صبراً جميلاً ) ، (سورة المعارج ، الآية : 5) ، و مثال هذا المزج الميمون ، يمكن مشاهدته في قصة يعقوب المبتلى بهجران يوسف عليه السلام و عدم رأفة أبنائه ، كما جاء في القرآن الكريم : ( بل سوّلت لكم أنفسكم أمراً فصبر جميل والله المستعان ) ، (سورة يوسف ، الآية : 18) .

إن قابلية الإنسان الكامل فيها استطاعة مزج هاتين الصفتين الممتازتين ، و حفظ توازنهما في المسائل العامة و البسيطة ، لذا نبفس النسبة كان جلال غضب الرسول ( صلى الله عليه و آله و سلم ) ، يمتزج مع جمال رأفته في المسائل السياسية و العسكرية . و في البحوث الثقافية كانا يمتزجان : ( و ما خلقنا السموات و الأرض و ما بينهما إلا بالحق ، و ان الساعة لآتية فاصفح الصفح الجميل ) ، (سورة الحجر ، الآية : 85) ، كان يحافظ أيضاً على ارتباطها في المسائل العائلية البسيطة كما أمر بذلك : ( فتعالين امتعكن واسرحكن سراحاً جميلاً ) ، (سورة الأحزاب ، الآية : 28) .

و لأن خلاصة اخلاق الإنسان الكامل هو القرآن الكريم ، و كلاهما تجليا من منبع رفيع واحد ، مع اختلاف في أن أحدها أرسل و الآخر ، أنزل وأحدهما نزل في صحبة الآخر ، أي أن القرآن نزل في معية الإنسان الكامل ، لا أن الإنسان الكامل أرسل في معية القرآن : (و اتبعوا النور الذي أنزل معه ) ، (سورة الأعراف ، الآية : 157) ، لذا فالقرآن أيضاً جامع للجمال و الجلال الالهيين ، و فيه انسجام الغضب و الرأفة ، كما ان الله عرف القرآن كدواء شافٍ مزيل للآلام ، لكنه ينتج ألماً و عامل خسارة : ( و ننزّل من القرآن ما هو شفاء و رحمة للمؤمنين و لايزيد الظالمين إلاخسارا ) ، (سورة الإسراء ، الآية : 82) .

طبعاً إن تبيين جامعية القرآن بالنسبة إلى الشفاء و الرحمة من جهة ، و الخسارة من جهة أخرى ، و كذلك بالنسبة إلى الهداية من جهة و الاضلال من جهة أخرى المذكور من الآية الكريمة ( .. يضل به كثيراً ، و يهدي به كثيراً ، و ما يضل به إلا الفاسقين ) ، (سورة البقرة ، الآية : 26) ، يتضح بالتأمل في نفس الآيات المذكوره ؛ لأن تعليق الحكم في كلتا الآيتين على وصف مشعر بعلية ذلك الوصف ، أي أن وصف الظلم في الآية الأولى وصفة الفسق في الآية الثانية دليل على أن الظالم و الفاسق ، هما كالمريض المصاب في جهاز الهضم ، و لايستطيع هضم الفاكهة الطيبة و اللذيذة ، و يقوم برد فعل بدلاً من القبول ، لذا يزداد مرضه ، و إلا فإن أساس المرض لا يكون من القرآن . كما ان أساس الضلالة و الخسارة أيضاً ، ليس من الأوصاف السلبية للقرآن ، و بعيد عن ساحة قدسه ، ولكن هذا الإضلال العارضي وا لخسارة الثانوية ، التي هي مظهر غضب الله ، تكون منسجمة مع تلك الهداية الإبتدائية و المستمرة و الذاتية و الأصلية ، و أيضاً مع ذلك الشفاء المستمر .

الجوادي الآملي


آداب التعامل مع الجيران

الاسلام و السعادة الآخروية

الإسلام و السعادة الدنيويه

أتعبتني يا قلب

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)