• عدد المراجعات :
  • 6008
  • 4/11/2013
  • تاريخ :

البيهسية – من فرق الخوارج

فرق المنحرفه

البيهسية من الخوارج ينسبون إلى أبي بيهس و اسمه هيصم بن جابر وهي فرقة مستقلّة، لاصلة لها بالإبراهيمية والميمونية، وإنّما تدخّلت في الخلاف الذي حدث بين تلك الفرقتين، والفرقتان من الاباضية كما سنبيّن:

قد وقفت عند الكلام في الأزارقة على أنّ أبابيهس هيصم بن جابر الضبعي وعبدالله بن اباض كانا في وقت واحد، وكان لنافع قيادة روحية مثلما كان لعبدالله بن اباض أو أقوى، وإنّما خرج أبوبيهس بمنهج عندما ظهر له غلوّ نافع و تقصير عبدالله بن اباض، حيث إنّ نافع غلا في البراءة من المسلمين وجوّز استعراضهم والتفتيش عن عقائدهم واستحلّ أماناتهم وقتل أطفالهم .

بينما عبدالله بن اباض قد قصّر (أي في التطرّف) حيث إنّ المخالفين عندهم كفّار ولكن كفّار في النعم كما عدّ سبحانه وتعالى تارك الحج مع الاستطاعة كافراً وقال: ( وَلِلّه عَلَى النّاسِ حجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ اِلَيْهِ سَبِيلا وِ مِنْ كَفَرَ فَإنَّ اللهَ غَنِىٌّ عَنِ العالمين) ( آل عمران: 97) وجوّز مناكحهم ومواريثهم والاقامة في بلدهم.

عند ذلك أدلى أبو بيهس بأوّل رأيه حيث اعتبر أنّ هناك إفراطاً وتفريطاً والحق الوسط، يقول: إنّ أعداءنا كأعداء رسول الله، تحلّ لنا الاقامة فيهم، خلافاً لنافع كما فعل المسلمون خلال اقامتهم بمكة وأحكام المسلمين تجري عليهم، وزعم أنّ مناكحهم ومواريثهم تجوز لأنّهم منافقون يظهرون الإسلام، وانّ حكمهم عند الله حكم المشركين.

قال المبرّد: فصارت الخوارج في هذا الوقت على ثلاثة أقاويل:

1 ـ قول نافع في البراءة والاستعراض واستحلال الأمانة وقتل الأطفال.

2 ـ قول أبي بيهس الذي ذكرناه.

3 ـ وقول عبدالله بن اباض وهو أقرب الأقوال إلى السنّة من أقاويل الضلال (1).

ثمّ إنّ البيهسية انقسمت إلى فرق :

1 ـ العوفية.

2 ـ أصحاب التفسير.

3 ـ أصحاب السۆال، وهم أصحاب شبيب النجراني .

ولنذكر المشتركات بين هاتيك الفرق، ثمّ نذكر المميّزات، أمّا الاُولى فقال أبو بيهس: لا يسلم أحد حتّى يقرّ بمعرفة الله، ومعرفة رسوله، ومعرفة ما جاء به محمّد جملة، والولاية لأولياء الله سبحانه، والبراءة من أعداء الله وما حرّم الله سبحانه ممّا فيه الوعيد ، فلا يسع الإنسان إلاّ علمه ومعرفته بعينه، وتفسيره .

ومنه ما ينبغي أن يعرفه باسمه ولايبالي أن لايعرف تفسيره و عينه حتى يبتلى به، وعليه أن يقف عند ما لا يعلم، ولا يأتي شيئاً إلاّ بعلم.

وفي مقابل البيهسية من قال: قد يسلم الإنسان بمعرفة وظيفة الدين، وهي شهادة أن لا إله إلاّ الله، وأنّ محمداً ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ عبده و رسوله، والاقرار بما جاء من عندالله جملة(2)، والولاية لأولياء الله، والبراءة من أعداء الله وإن لم يعرف ما سوى ذلك فهو مسلم.

ثمّ إنّه مسلم حتى يبتلى بالعمل، فمن واقع شيئاً من الحرام، ممّا جاء فيه الوعيد، وهولايعلم أنّه حرام، فقد كفر، ومن ترك شيئاً من كبير ما افترضه الله سبحانه عليه وهو لا يعلم فقد كفر، فإن حضر أحد من أوليائه مواقعة من واقع الحرام وهو لا يدري أحلال أم حرام، أو اشتبه عليه، وقف فيه، فلم يتولّه ولم يبرأ منه حتى يعرف أحلال ركب أم حرام؟ .

قالت البيهسية: الناس مشركون بجهل الدين(3)، مشركون بمواقعة الذنوب، وإن كان ذنب لم يحكم الله فيه حكماً مغلظاً ولم يوقفنا على تغليظه فهو مغفور، ولا يجوز أن يكون أخفى أحكامه عنّا في ذنوبنا، ولو جاز ذلك جاز في الشرك (4) .

وقالوا: التائب في موضع الحدود، وفي موضع القصاص، والمقرّ على نفسه يلزمه الشرك إذا أقرّ من ذلك بشيء وهو كافر، لأنّه لايحكم بشيء من الحدود والقصاص إلاّ على كل كافر يشهد عليه بالكفر عندالله(5) .

هذه هي الأحكام المشتركة بين جميع فرق البيهسية ولب الجميع عبارة عن أمرين:

1 ـ لزوم معرفة ما جاء به النبي على وجه التفصيل .

2 ـ إنّ مرتكب الكبائر مشرك خصوصاً فيما إذا كان في موضع الحد.

طوفان جنسي در برزخ

نعم هناك فِرق من البيهسية اختصّوا ببعض الأحكام، نذكر منها ما يلي:

الف ـ العوفية: وهم فرقتان: فرقة تقول: من رجع من دار هجرتهم ومن الجهاد إلى حال القعود نبرأ منهم.

وفرقة تقول: لا نبرأ منهم، لأنّهم رجعوا إلى أمر كان حلالا لهم. وكلا الفريقين من العوفية يقولون: إذا كفر الإمام فقد كفرت الرعية، الغائب منهم و الشاهد.

والبيهسية يبرأون، منهم وهم جميعاً يتولّون أبا بيهس، وقالت العوفية: السكر كفر، ولا يشهدون أنّه كفر حتى يأتي معه غيره كترك الصلاة، وما أشبه ذلك، لأنّهم إنّما يعلمون أنّ الشارب سكر إذا ضمّ إلى سكره غيره ممّا يدلّ على أنّه سكران (6) .

ب ـ أصحاب التفسير: كان صاحب بدعتهم رجل يقال له الحكم بن مروان من أهل الكوفة، زعم أنّه من شهد على المسلمين لم تجز شهادتهم إلاّ بتفسير الشهادة كيف هي. قال: ولو أنّ أربعة شهدوا على رجل منهم بالزنا لم تجز شهادتهم حتى يشهدوا كيف هو، وهكذا قالوا في سائر الحدود، فبرأت منهم البيهسية على ذلك وسمّوهم أصحاب التفسير.

ج ـ أصحاب السۆال: وهم الذين زعموا أنّ الرجل يكون مسلماً إذا شهد أن لا إله إلاّ الله و أنّ محمّداً ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ عبده و رسوله، وتولّى أولياء الله وتبرّأ من أعدائه، وأقرّ بما جاء من عندالله جملة، وإن لم يعلم سائر ما افترض الله عليه ممّا سوى ذلك، أفرض هوأم لا؟ فهو مسلم حتى يبتلى بالعمل به (فيسأل) .

وقالوا: في أطفال المۆمنين: إنّهم مۆمنون أطفالا وبالغين، حتى يكفروا، وإنّ أطفال الكفّار كفّار، أطفالا وبالغين حتى يۆمنوا.

وقالوا بقول المعتزلة في القدر (أي كون الأفعال منسوبةً إلى الإنسان دونه سبحانه).

هذه هي البيهسية وهذه الفرق المتشعّبة عنها.

وهاهنا آراء تنسب إلى بعض البيهسيين ولم يعرف قائلها.

منها قول بعض البيهسية: من واقع زنا، لم يُشهد عليه بالكفر حتى يرفع إلى الإمام أو الوالي ويحد، فوافقهم على ذلك طائفة من الصفرية، إلاّ أنّهم قالوا: نقف فيهم ولا نسمّيهم مۆمنين ولاكافرين .

منها قول بعضهم: إذا كفر الإمام كفرت الرعية، وإنّ الدار دار شرك وأهلها جميعاً مشركون، ولا يصلّى إلاّ خلف من يعرف، وقالوا: بقتل أهل القبلة وأخذ الأموال واستحلال القتل والسبي على كل حال.

منها: السكر من كل شراب، حلال موضوع عمّن سكرمنه، وكل ما كان في السكر من ترك الصلاة أوشتم الله سبحانه موضوع فيه، لاحدّ فيه، ولا حكم، ولا يكفّر أهله بشيء من ذلك ماداموا في سكرهم، وقالوا: إنّ الشراب حلال الأصل، ولم يأت فيه شيء من التحريم لا في قليله ولا في اكثار أو سكر(7).

وأمّا تدخّل أبي بيهس في الخلاف الذي حدث بين الإبراهيمية والميمونية فحاصله أنّ رجلا من الاباضية يعرف بإبراهيم، دعا قوماً من أهل مذهبه إلى داره، وأمر جارية له كانت على مذهبه بشيء، فأبطأت عليه فحلف ليبيعنّها في الأعراب، فقال له رجل منهم اسمه ميمون: كيف تبيع جارية مۆمنة إلى الكفرة؟ فقال له إبراهيم: إنّ الله تعالى قد أحلّ البيع وقد مضى أصحابنا وهم يستحلّون ذلك، فتبرّأ منه ميمون وتوقّف آخرون منهم في ذلك وكتبوا بذلك إلى علمائهم، فأجابوهم بأنّ بيعها حلال، وبأنّه يستتاب ميمون، ويستتاب من توقّف في إبراهيم، فصاروا في هذا ثلاث فرق: أبراهيمية، وميمونية، وواقفة.

ثمّ إنّ البيهسية قالوا: إنّ ميموناً كفر بأن حرّم الأمة في دار التقية من كفّار قومنا، وكفرت الواقفة بأن لم يعرفوا كفر ميمون وصواب أبراهيم، وكفر إبراهيم بأن لم يبرأ من الواقفة(8) .

وأمّا مصير أبي بيهس، فقد طلبه الحجاج أيّام الوليد فهرب إلى المدينة فطلبه بها عثمان بن حيّان المزني فظفربه وحبسه، وكان يسامره إلى أن ورد كتاب الوليد بأن يقطع يديه ورجليه ثم يقتله، ففعل ذلك به (9) .

بحوث في الملل والنحل لأية الله الشيخ جعفر السبحاني ، ج5

المصادر:

1. المبرّد: الكامل 2/214 وأضاف انّ الصفرية والنجدية في ذلك الوقت يقولون بقول ابن اباض .

2. الفرق بين الفرقتين: هو أنّ البيهسية التزموا بالمعرفة جملة، وهۆلاء اكتفوا بالاقرار جملة، والفرق بينهما واضح، فإنّ المعرفة تستلزم المعرفة التفصيلية دون الاقرار .

3. ذلك لازم الأصل الأوّل من اشتراط تحقّق الإسلام بمعرفة ما جاء به محمّد ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ .

4. يريد أنّ المعاصي الكبيرة لا تكون خفيّة علينا، ولو جاز خفاۆها لجاز خفاء حكم الشرك.

5. وهذا مبني على كون ارتكاب الكبائر كفراً.

6. إنّ العلم بالسكر يعلم بأدنى شيء ولا يتوقّف على ترك الصلاة .

7. الأشعري: مقالات الإسلاميين 1/113 ـ 118، والشهرستاني: الملل والنحل 1/125 ـ 127 .

8. البغدادي: الفرّق بين الفرِق 107 ـ 108 .

9. الشهرستاني: الملل و النحل 1/125 .


البيهسية – من فرق الخوارج

الاباظية – من فرق الخوارج

البابية والبهائية

الدروزية

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)